هل يمكن لأم مسيطرة ومتسلطة أن تنشيء أبناد سعداء واثقين من أنفسهم؟ بالطبع لا فالأم بهذا الأسلوب التربوي المتحكم تعيق نمو شخصايتهم واستقلالها وقدرتهم علي اتخاذ أي قرار هام في حياتهم .
ورسالة هذا الشاب التي أرسلها لي تعبر أصدق تعبير عن المعاناة التي يعيشها صديقه في ظل أم مسيطرة تتحكم وتتسلط علي كل شأن من شئون حياته اليومية باسم الحب بينما هي في الواقع تنخر بهذه المعاملة كالسوس في بناء شخصيته لتصبح مهلهلة وضعيفة لا تعرف الطريق إلي السعادة والنجاح يقول:
رأيت أحد الشباب الناضج قد تحول إلي شبه مستعمرة محرم فيها أن يلفظ بكلمة لا إذ كلما أجاب بنعم فإنه بذلك يرضي مستعمرته أي (أمه) قد أتجاوز حدودي عندما اصف مربية الأجيال بهذا الوصف القبيح ولكن ما العمل؟ وهي تصر علي أن تجعل أبنها ذا شخصية محطمة وتريد أن تجعله يذهب ويأتي بالريموت وهو صامت لا ينطق ببنت شفه .
لقد رأيته وهو يصارع بقاء شخصيته وألم الخروج علي المألوف وهي الطاعة العمياء التي فرضتها عليه هذه الأم فأصبح كالبناء المهشم لا يهوي اللعب إلا مع الأطفال وبفضل ضغطها المتواصل تحول إلي إنسان لا رأي له ما أن يتلفظ بأنه سيخرج إلا وانهالت عليها بتحذيرها وتهديدها بل ربما رمت بالكتب والدفاتر في وجهه لكي يطيعها لأنها تحبه وتريد مصلحته ولم تكتف هذه الأم بذلك وانما أخذت تراقبه مع من يسير ومع من يجلس وتسلط عليه شبكة تجسس عملها أم لم يعملها لأنها تعتقد أنه يجب أن لا يكون له أصدقاء إلا عن طريقها فهي التي تدرك أين مصلحته .
وماذا بعد يتخرج الابن علي أحسن ما يرام ويريد أن يتنفس فهو الأن رجل إلا أنه ما إن ينطق بذلك حتي يسمع الامر العسكري بالتوجه إلي قسم معين في الجامعة دون أي اعتبار لرغبته ويستسلم الابن المطيع لأمه الجبارة ولا يملك إلا أن يقول سمعاً وطاعة وقد رفع الشعار الذي اقنعته أمه به وهو الآية الكريمة {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}
ولو عقلت وفهمت الآية لما حطمت ابنها.
ولو ادرك هو الهدف من هذه الآية الكريمة لرفض تحكمها وأرشدها إلي الفهم الصحيح لها لكنه لم يفعل ذلك لم يعط نفسه فرصة للجلوس مع أحد رجال الدين ليفسر له تلك الآية تفسيراً صحيحاً ولم يجلس مع أبيه المتفقة في أمور الدنيا ليمنحة بعضاً من تجاربه حتي لا يخسر الوطن احد أبنائه وتفقد الأسرة شخصية قد ترفع من مقامها عالياً لو وجدت الأسلوب الصحيح في التربية إلي جانب ما قد يورثه مثل ذلك الشخص الضعيف المنكسر من ذل إلي أبنائه وكيف لوطن بعد ذلك أن يتقدم بأشخاص يسيرون كالآلات لا رأي لها.
وبعد ذكر كاتب عربي يدعي محمد الكاتب في كتابة الإسلامي التربوي القيم “ كيف تسعد ابناءك” الذي طرح فيه موضوع التربية الصحية للأبناء في ضوء ما جاء في الدين الإسلامي قصة شاب جاء له طالباً معونته لكي يهتدي إلي التربية السليمة لأبنائه حتي لا يكون مستبداً معهم وعندما سأله الكاتب : هل كان والدك مستبداً في معاملتك؟
قال الأب الشاب: كان مستبداً جداً بل حاكماً دكتاتورياً وعندما طلب منه الكاتب تفاصيل تجربته قال الشاب:
كان والدي مستبداً برأيه في كل الأمور الكبيرة والصغيرة إذ لم يكن يأخذ برأي واحد من أبنائه منذ أن كنا صغاراً وحتي أصبحنا رجالاً لا أذكر أنه لبي لنا طلباً في سنوات طفولتنا فهو الذي كان يصدر الأوامر وكان علينا التنفيذ دون نقاش كما أنه لم يكن يتنازل عن أي قرار يتخذه حتي توسلنا له وزدنا في الإلحاح بل لم يكن يسمح لأي واحد منا أن يكرر طلبه لقد ذقنا مرارة استبداد طوال أيام الطفولة والكبر وكان هو بذلك يسيء معاملتنا أي إساءة كنا نشعر بالألم والحسرة عندما نري أولاد بعض الجيران يتنعمون بالحرية ويرفلون في أجواء الديمقراطية كما تمنياً أن يقتدي ابونا بآبائهم ولكن بلا جدوي .
لم استعرض الكاتب النتائج السلبية لاستبداد الآباء بالأبناء قائلاً: ستمنع السيطرة الابوية المستبدة الابن من تحقيق رغبته في الاستقلال حتي يستطيع أن يأخذ مكانته كفرد ناضج ومستقل في المجتمع كما سينتج عن هذا النوع من المعاملة مشاعر الحقد والكراهية في نفوس الأبناء نحو ابائهم وستزداد رغبتهم في التخلص منهم حتي أنهم قد يتمنون الموت لآبائهم المستبدين لأ من أجل التركة وانما من أجل التحرر والخلاص منهم .
ثم يؤكد الكاتب أن من حق الأب أن يمنع أبناءه من فعل بعض الأمور وأن يضع حداً لهم تجاه بعض القضايا التي يراها تضر أنفسهم ومصالحهم ولكن ليس من حق هذا الأب منعهم وفرض رأية عليهم في كل شيء بل ليس له الحق في أن يفرض رأيه حتي بالنسبة لرغبتهم في مخالفة بعض العادات والتقاليد إذا كانت رغباتهم لا تتعارض وتعاليم الدين الإسلامي وقد جاء بحديث للأمام علي رضي الله عنه يؤكد به رأيه عندما قال “ لا تقسروا اولادكم علي آدابكم فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم” ثم جاء بهذا الحديث الشريف “ لا تكن يابسا فتكسر ولا تكن لينا فتعصر” ليثبت به أهمية استخدام الآباء سياسية اللين في حين والشدة في حين آخر حتي يتمكنوا من احتواء أبنائهم وامتصاص أي بوادر للنقمة في نفوسهم.